الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.مقتل النقش واستبداد ارتق المنصور واتصال الملك في عقبه. ثم استنكف ارتق من المحر ومرض النقش سنة إحدى وستمائة فجاء ارتق لعيادته وقتل لؤلؤا خادمه في بعض زوايا بيته ورجع إلى النقش فقتله في فراشه واستقل بملك ماردين وتلقب المنصور وتوفي سنة ست وثلاثين وثلثمائة وملك بعده ابنه السعيد نجم الدين غازي بن ارتق وتوفي سنة ثمان أو ثلاث وخمسين وملك بعده أخوه المظفر قرا ارسلان بن ارتق فأقام سنة أو بعضها ثم هلك سنة ثلاث وتسعين وستمائة وملك بعده أخوه المنصور نجم الدين غازي بن قرا ارسلان إلى أن توفي سنة اثنتين عشرة وسبعمائة لأربع وخمسين سنة من ولايته وملك بعده ابنه المنصور أحمد إلى أن توفي سنة تسع وستين لثلاث سنين من ولايته ثم ملك بعده ابنه الصالح محمود أربعة أشهر وخلعه عمه المظفر فخر الدين داود بن المنصور أحمد إلى أن توفي سنة ثمان وسبعين وسبعمائة وملك بعده ابنه مجد الدين عيسى وهو السلطان بماردين لهذا العهد والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده (ولما) ملك هلاكوبن طلوخان بن جنكزخان مدينة بغداد واعمالها أعطاه المظفر قرا ارسلان طاعته وخطب له في أعماله ولم يزالوا يدينون بطاعة بنيه إلى أن هلك أبو سعيد بن خربهرا آخر ملوك التتر ببغداد سنة سبع وثلاثين فقطعوا الخطبة لهم واستبد أحمد المنصور منهم وهو الثاني عشر من لدن أبي الغازي جدهم الأول.(وأما) داود بن سقمان فانه ملك حصن كيفا من بعد سقمان أبيه وإبراهيم أخيه ولم أقف على خبر وفاته (وملك بعده) ابنه فخر الدين قرا ارسلان بن داود وملك ديار بكر مع حصن كيفا وتوفي سنة اثنتين وستين وخمسمائة (وملك بعده) ابنه نور الدين محمد بعهده إليه بذلك وكانت بينه وبين صلاح الدين مواصلة ومظاهرة ظاهر صلاح الدين على الموصل على أن يظاهره على آمد فظاهره صلاح الدين وحاصرها من صاحبها ابن سان سنة تسع وستين وصارت من أعمال نور الدين كما نذكر في دولة صلاح الدين ثم توفي نور الدين محمد سنة احدى وثمانين وخلف ولدين (فملك الأكبر) منهما قطب الدين سقمان وقام بتدبير دولته العوام بن سماق الاسعد وزير أبيه وكان عماد الدين أخو نور الدين هو المرشح للامارة إلا أنه سار في العساكر مددا لصلاح الدين على حصار الموصل فلما بلغه الخبر بوفاة أخيه سار لملك البلد لصغر أولاد أخيه نور الدين فلم يظفر واستولى على خرت برت فانتزعها منهم وملكهم وأورثها بنيه فلما أفرج صلاح الدين عن الموصل لقيه قطب الدين سقمان وأقره على ملك أبيه بكيفا وأبقى بيده آمد التي كان ملكها لابيه وشرط عليه مراجعته في أحواله والوقوف عند أوامره وأقام أميرا من أصحاب ابنه قرا ارسلان اسمه صلاح الدين فقام بأمور دولته واستقر ملكه بكيفا وآمد وما إليهما إلى أن توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة تردى من جوسق له بحصن كيفا فمات وكان أخوه محمود مرشحا لمكانه إلا أن قطب الدين سقمان كان شديد البغضاء له واشخصه إلى حصن منصور من آخر عملهم واصطفي مملوكه اياسا وزوجه باخته وجعله ولى عهده (ولما توفي) ملك بعده مملوكه وشخص أهل الدولة فدسوا إلى محمود فسار إلى آمد وسبقه اياس إليها ليدافعه فلم يطق وملك محمود آمد واستولى على البلد كلها وحبس اياسا إلى أن أطلقه بشفاعة صاحب بلاد الروم ولحق به وانتظم في امرائه واستقل محمود بملك كيفا وآمد وأعمالها ولقب ناصر الدين وكان ظالما قبيح السيرة وكان ينتحل العلوم الفلسفية وتوفي سنة تسعة عشر وستمائة وولى مكانه المسعود وحدثت بينه وبين الافضل بن العادل فتنة واستنجد عليه أخاه الكامل فسار في العساكر من مصر ومعه داود صاحب الكرك والمظفر صاحب حماة فحاصروه بآمد إلى أن نزل عنها وجاء إلى الكامل فاعتقله فلم يزل عنده حبيسا إلى أن مات الكامل فذهب إلى التتر فمات عندهم (وأما) عماد الدين بن قرا ارسلان الذي ملك خرت برت من يد قطب الدين سقمان ابن أخيه نور الدين فلم تزل في يده إلى أن توفي سنة إحدى وستمائة لعشرين سنة من ملكه اياها (وملكها بعده) ابنه نظام الدين أبو بكر وكانت بينه وبين ناصر الدين محمود ابن عمه نور الدين صابح آمد وكيفا عداوة ودخل محمود في طاعة العادل بن أيوب وحضر مع ابنه الاشرف في حصار الموصل على أن يسير معه بعدها إلى خرت برت فيملكها له وكان نظام الدين مستنجدا به الدين قليج ارسلان صاحب بلاد الروم فمات وسار الاشرف مع محمود بعساكره وحاضروا خرت برت في شعبان سن إحدى وستين وملكوا اربضها وبعثوا غياث الدين صاحب الروم إلى نظام الدين المدد بالعساكر مع الافضل بن صلاح الدين صاحب سميساط فلما انتهوا إلى ملطية أفرح الاشرف ومحمود عن خرت برت إلى بعض حصون نظام الدين بالصحراء ببحيرة سهنين وفتحت في ذي الحجة سنة إحدى وستين فلما وصل الافضل بعساكر غياث الدين ووصل الاشرف عن البحيرة راجعا جاء نظام الدين بالعساكر إلى الحصن فامتنع عليه وبقي لصاحب آمد ثم ملك كيقباد صاحب الروم حصن خرت برت من أيديهم سنة إحدى وثلاثين وانقرض منها ملك بني سقمان والله وارث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.
|